فصل: بيمارستان سيدي فرج بفاس:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ البيمارستانات في الإسلام



.ومن الأطباء الذين عملوا ببيمارستان تونس:

1 - محمد الشريف الحسني الزكراوي: نسبة إلى جده أبو زكريا الفاسي نزيل تونس وبها توفي سنة 874هـ وقد جاوز الخمسين، وكان أديبا طبيبا لبيبا، ولي البيمارستان بتونس وأقرأ العقليات مع مشاركة في الفقه واعتناء بالتاريخ.

.بيمارستان مراكش أو بيمارستان أمير المؤمنين المنصور أبي يوسف:

قال عبد الواحد المراكشي في سياق كلامه عن أبي يوسف يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي بن علوي الكومي من ملوك الموحدين بالمغرب: وبنى بمدينة مراكش بيمارستانا ما أظن أن في الدنيا مثله وذلك أنه تخير ساحة فسيحة بأعدل موضع في البلد، وأمر البنائين بإتقانه على أحسن الوجوه وأتقنوا فيه من النقوش البديعة والزخارف المحكمة ما زاد على الاقتراح؛ وأمر أن يغرس فيه مع ذلك من جميع الأشجار والشمومات والمأكولات وأجرى فيه مياها كثيرة تدور على جميع البيوت، زيادة على أربع برك في وسط إحداها رخام أبيض، ثم أمر له من الفرش النفيسة من أنواع الصوف والكتان والحرير والأديم وغيره بما يزيد عن الوصف ويأتي فوق النعت، وأجرى له ثلاثين دينارا في كل يوم برسم الطعام وما ينفق عليه خاصة خارجا عما جلب إليه من الأدوية، وأقام فيه من الصيادلة لعمل الأشربة والأدهان والأكحال وأعدّ فيه للمرضى ثياب ليل ونهار للنوم من جهاز الصيف والشتاء فإذا نقه المريض فإن كان فقيرا أمر له عند خروجه بمال يعيش به ريثما يستقل، وإن كان غنيا دفع إليه ماله وتركته وسببه، ولم يقصره على الفقراء دون الأغنياء، بل كل من مرض بمراكش من غريب حمل إليه وعولج إلا أن يستريح أو يموت. وكان في كل جمعة بعد صلاته يركب ويدخله يعود المرضى ويسأل عن أهل بيت أهل بيت ويقول: كيف حالكم؟ وكيف القومة عليكم؟ إلى غير ذلك من السؤال ثم يخرج، لم يزل مستمرا على هذا إلى أن مات رحمه الله في شهر صفر سنة 595هـ وله من العمر 48 سنة ومدة ولايته 16 سنة وثمانية شهور.

.الأطباء الذين خدموا في هذا المارستان:

1 - أبو إسحاق إبراهيم الداني: كانت له عناية بالغة بصناعة الطب وأصله من بجاية ونقل إلى الحضرة، وكان أمين البيمارستان وطبيبه بالحضرة وكذلك ولداه، وتوفي الداني في مراكش دولة المستنصر بن الناصر.
2 - محمد ابن قاسم: بن أبي بكر القرشي المالقي نزيل غرناطة قال ابن الخطيب: كان بارع الكتابة والنظم حسن النادرة عارفا بالطب، ولى النظر على البيمارستان بفاس ومات وسط سنة 757هـ وله 54 سنة.

.بيمارستان سلا:

لما قدم أبو العباس أحمد بن محمد بن عمر بن عاشر الأنصاري الأندلسي من بلاد الأندلس جعل إقامته بسلا، وذلك في النصف الأول من القرن الرابع عشر الميلادي بعد أن تنقل في بلاد المغرب مثل فاس ومكناسة وشالة، وأخذ ابن عاشر يعالج المرضى واشتهر اسمه بسيدي ابن عاشر الطبيب، وأنشئ بالقرب من قبره مارستان وتوفي ابن عاشر سنة 764 أو سنة 765.
ودفن في التربة المسماة باسمه وقبته من أكبر القباب في كل من لا ورباط وفي سنة 1247هـ 1846م جدد السلطان مولاي عبد الرحمن بناء هذا المارستان.
وسلا مدينة بالمغرب الأقصى على ساحل المحيط الأطلنطي وقد اختارها ابن الخطيب مقاما له وقد وصفها في مقاماته بقوله العقيلة المفضلة والبطيحة المخضلة والقاعدة المؤصلة والسورة المفصلة ذات الوسامة والنظارة والجامعة بين البداوة والحضارة معدن القطن والكتان والمدرسة والمارستان.

.بيمارستان سيدي فرج بفاس:

جاء في كتاب سلوة الأنفس: أنه بالقرب من سوق العطارين وسوق الحنا بفاس، مكان يقيم به المرضى الذين بعقولهم مرض، وهم المجانين ويسمى ذلك المكان سيدي فرج على أنه لم يدفن به أي شخص كان يسمى بهذا الاسم، وليس به قبر، وإنما بنى هذا المكان أحد السلاطين ليضم مرضى المسلمين الذين لا ملجأ لهم أو مأوى يأوون إليه، وسمي باب الفرج لأن المرضى كانوا يجدون فيه ما يفرج كربهم وقد حبست عليه الحبوس التي كانت تصرف غلتها عليه.
وقد جلا الدكتور دومازل وصف هذا البيمارستان فقال: بناؤه قديم يرجع تأسيسه إلى عهد سلاطين بني مرين وهم في أوج عزهم وعظمتهم يعاونون على نشر العلوم وتجميل المدن. وبنى أحدهم وهو أبو يعقوب يوسف بن يعقوب بن عبد الحق هذا المارستان لما تولى الملك سنة 685هـ 1286م وعهد مؤسسه إدارته إلى أشهر الأطباء وأوقف عليه الحبوس الكثيرة من العقار للصرف عليه وحفظه ولما عظم أمر البيمارستان واتسعت أعماله أدخل عليه السلطان أبو عنان الذي تولى الملك 766هـ زيادات عظيمة.
وفي سنة 900هـ اتخذ أهل الأندلس من المسلمين إقامتهم في فاس، فتولى رياسته من بني الأحمر يسمى فرج الخزرجي ولذلك سمي بيمارستان فرج، فأصلح فيه وجعل الموسيقاريين يلحنون أمام المرضى. وليس في مدخل البيمارستان شيء يستوقف النظر وهو في سوق الحنا ويحيط به جدار أبيض وعليه باب عال مغطى بالحديد شأنه كسائر أبواب المدينة مقفل على الدوام ولا يفتح إلا قليلا.

.بيمارستانات الأندلس:

.بيمارستان غرناطة:

قال الوزير لسان الدين بن الخطيب في كلامه عن أمير المسلمين بالأندلس محمد بن يوسف بن إسماعيل بن فرج بن إسماعيل بن فرج بن يوسف بن نصر، الذي تولى الملك بعد وفاة أبيه في عام 755هـ: ومن موافق الصدقة والإحسان من خارق جهاد النفس بناء البيمارستان الأعظم، حسنة هذه التخوم القصوى، ومزبة المدينة الفضلى، لم يهتد إليه غيره من الفتح الأول مع تقرير الضرورة وظهور الحاجة، فأغرى به همة الدين ونفس التقوى فأبرزه موقف الأحداق ورحلة الأندلس ومدرك الحسنات فخامة بيت وتعدد مساكن ورحب ساحة ودرور مياه وصحة هواء ونقد خزائن ومتوضآت وانطلاق خيرات وحسن ترتيب، أبرّ على مارستان مصر بالساحة العريضة والأهوية الطيبة، وتدفق المياه من فورات الرمل وسود الصخر، وتمرج البحر وانسدال الأشجار وقال سلادين: إن هذا الأثر المربع الزوايا لا يبلغ من الاتساع والإحكام في البناء مبلغ مارستان قلاوون بالقاهرة، ولكنه كان مرتبا في بساطته أنيقا في تفاصيله، وكانت قاعاته البسيطة تدور حول باحة داخلية في وسطها حوض عميق لقبول الماء من عينين كل عين منها عبارة عن أسدجاث. ولما انتزعت غرناطة من يد العرب سنة 1492م حول هذا البناء الصغير إلى دار ضرب السكة ثم أدخلت عليه تغييرات مختلفة شوهت معالمه ثم تهدم معظمه.
وذكر مارشيه كذلك: أن مارستان غرناطة حول إلى دار ضرب بعد سقوط غرناطة وحدثت فيه تغييرات مرات عديدة وتهدم ثلاثة أرباعه، ولكنه في مظهره أبسط من معاصره بيمارستان قلاوون ففي وجهته بعض النوافذ وفيها أقواس مزدوجة وفي الوسط باب وأسكفة يعلوهما كتابة تشبه أشرعة الفلك، ويدخل من الباب إلى ردهة مربعة الزوايا مستطيلة وفي وسطها حوض فيه أسدان جاثيان يشبهان مثيليهما في قصر الحمراء وينبع منهما الماء، وحول الردهة أربعة أروقة ينفتح فيها أبواب طويلة ذات انحناء على شكل نعل الفرس وفي الزوايا سلاليم يدخل منها إلى الطابق الأول.
ونقل ليفي بروفنسال نص ذكرى بناء السلطان محمد الخامس للبيمارستان سنة 767 - 768هـ وهو لوح من الرخام على شكل الباب مقنطر مركب من قطعتين ملتصقتين التصاقا تاما محفوظ منذ سنة 1850م في جناح من بستان قصر الحمراء، نقل إليه من أحد بيوت غرناطة، وعلى أحد وجهي هذا اللوح كتابة في غاية الحفظ تملأ هذا الوجه وهي مكونة من 26 سطرا بالخط العادي الأندلسي وهذه الكتابة:
تخليد ذكرى مارستان بناه السلطان محمد الخامس من بني نصر الغني بالله خاصا بمرضى غرناطة الوطنيين.
وهذا هو النص:
الحمد لله أمر ببناء هذا المارستان رحمة واسعة لضعفاء مرضى المسلمين، وقربة نافعة إن شاء الله لرب العالمين، وخلد حسنة ناطقة باللسان المبين، وأجرى صدقة على مرّ الأعوام وتوالي السنين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين، المولى الإمام السلطان الهمام الكبير الشهير الطاهر الظاهر أسعد قومه دولة وأمضاهم في سبيل الله صولة صاحب الفتوح والصنع الممنوح، والصدر المشروح، المؤيد بالملائكة والروح ناصر السنة، كهف الملّة أمير المسلمين الغني بالله أبو عبد الله محمد بن المولى الكبير الشهير السلطان الجليل الرفيع المجاهد العادل الحافل السعيد الشهير المقدس أمير المسلمين أبي الحجاج ابن المولى السلطان الجليل الشهير المعظم المنصور هازم المشركين وقامع الكفرة المعتدين السعيد الشهيد الوليد بن نصر الأنصاري الخزرجي، أنجح الله في مرضاته أعماله، وبلغه من فضله العميم وثوابه الجسيم آماله، فاخترع به حسنة لم يسبق إليها من لدن دخل الإسلام هذه البلاد؛ وأختص بها طراز فخر على عاتق حلة الجهاد. وقد أراد وجه الله بابتغاء الأجر والله ذو الفضل العظيم، وقدم نورا يسعى بين يديه ومن خلفه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. فكان ابتداء بنائه في العشر الوسط من شهر المحرم من عام سبع وستين وسبعمائة 767هـ وتم ما قصد إليه ووقف الأوقاف عليه في العشر الوسط من شوال من عام ثمانية وستين وسبعمائة 768 والله لا يضيع أجر العاملين ولا يخيب سعي المحسنين وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وآله وأصحابه أجمعين.